▪️هل يمثل السودان منافسا محتملا ومركزا بديلا للتجارة العالمية لـ الامارات ؟
يُعد الموقع الجغرافي العامل الأهم والأكثر تأثيرًا في قرارات شركات النقل البحري والجوي عند اختيار مواقع لإنشاء مقارها ومراكز عملياتها. فالدول التي تتمتع بموقع استراتيجي على مفترق طرق التجارة العالمية، أو تلك التي تطل على ممرات بحرية حيوية، تصبح بطبيعتها نقاط جذب لهذه الشركات، لما توفره من مزايا تتعلق بتقليص زمن الرحلات، خفض تكاليف التشغيل، وتسهيل الوصول إلى أسواق متعددة في وقت قياسي.
في هذا السياق، يبرز السودان كدولة ذات أهمية استراتيجية متقدمة، خاصة من حيث موقعه على ساحل البحر الأحمر، وقربه من مضيق باب المندب وقناة السويس، وهما من أهم الممرات البحرية في العالم. هذا الموقع يمنح السودان قدرة فريدة على أن يكون مركزًا لوجستيًا إقليميًا يخدم حركة التجارة بين آسيا، أفريقيا، وأوروبا. كما أن قربه من الأسواق الخليجية، وامتداده نحو العمق الأفريقي، يجعله مؤهلًا ليكون نقطة توزيع مثالية للبضائع والخدمات.
فرص نجاح السودان في جذب شركات النقل البحري والجوي لا تقتصر على موقعه فقط، بل تشمل أيضًا توفر مساحات واسعة لإنشاء مناطق حرة وموانئ جديدة، إضافة إلى انخفاض تكاليف التشغيل مقارنة بدول أخرى في المنطقة. كما أن السودان يمتلك موارد بشرية مؤهلة، وبيئة استثمارية واعدة إذا ما تم تطوير البنية التحتية وتحديث التشريعات المتعلقة بالنقل والتجارة.
وقد شهدت السنوات الأخيرة محاولات متعددة من دول وشركات للاستثمار في الشواطئ السودانية، أبرزها من الإمارات والسعودية وتركيا. فالإمارات، عبر شركات مثل موانئ دبي العالمية، أبدت اهتمامًا بإنشاء وتطوير موانئ على الساحل السوداني، بهدف تعزيز ربطها بموانئ الخليج والقرن الأفريقي. أما السعودية، فقد سعت إلى تطوير موانئ في شرق السودان لتأمين سلاسل الإمداد الحيوية، خاصة في ظل التوترات الإقليمية التي تهدد استقرار الممرات البحرية. تركيا كذلك أبدت اهتمامًا بميناء سواكن، ضمن استراتيجية توسعها في البحر الأحمر، لما له من أهمية تاريخية وتجارية.
سعي هذه الدول للاستثمار في الشواطئ السودانية يعكس إدراكها لقيمة الموقع السوداني، ورغبتها في تأمين موطئ قدم في منطقة تشهد تنافسًا متزايدًا على النفوذ البحري. كما أن السودان، إذا ما أحسن استغلال هذه الفرص، يمكن أن يتحول إلى مركز إقليمي للنقل والخدمات اللوجستية، مما ينعكس إيجابًا على اقتصاده ويعزز مكانته في منظومة التجارة العالمية.
منقول
Nahda_TV
تعليقات
إرسال تعليق